إمارات المناطق- إعادة هيكلة لتحقيق تنمية متوازنة وفاعلة
المؤلف: عبدالله المحيميد08.27.2025

تتجلى أهمية إمارات المناطق تاريخيًا في دورها الأساسي خلال نشأة الدولة ووضع أسس خدماتها، إذ كانت تمثل السلطة الرسمية للملك والحكومة في مختلف المناطق، واضطلعت بمهام جوهرية في مسيرة تطور المملكة وتنفيذ خطط التنمية والتعمير، كما شاركت بفعالية في أدوار متعددة تشمل الجوانب الأمنية والتنموية والحقوقية والاجتماعية، وكانت في كل مراحل الدولة بمثابة المركز الحيوي ورمزيتها والممثل الرئيسي للدولة في سائر المناطق.
وتعد أجهزة إمارات المناطق من أعرق الأجهزة الحكومية في المملكة، حيث تأسست مع بدايات تشكيل الدولة في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود – طيّب الله ثراه –، وشكلت جزءًا لا يتجزأ من تنظيم الدولة، وكانت في بداياتها الأولى تتألف من تسع إمارات أو (مقاطعات) كما كانت تُعرف آنذاك، يرأس كل منها أمير يتم تعيينه بأمر ملكي من قبل الملك عبدالعزيز.
وشهد عام 1383هـ (الموافق 1963م) أول تطوير جوهري في نظام إمارات المناطق، وذلك بصدور نظام المقاطعات الذي قسم البلاد إلى تسع مقاطعات بأسماء وحدود جغرافية جديدة، ونصّ هذا النظام على أن "يرأس المقاطعة حاكم إداري يتبع لوزارة الداخلية، ويتم تعيينه بأمر ملكي بناءً على اقتراح وزير الداخلية وتوصية رئيس مجلس الوزراء، على أن يقيم في مقر المقاطعة".
وفي عام 1397هـ (الموافق 1977م)، صدر تنظيم إداري جديد للمملكة، رفع عدد المناطق الإدارية إلى أربع عشرة منطقة (14 منطقة)، وفي عام 1412هـ (الموافق 1991م) صدر "نظام المناطق"، ونصت المادة الأولى منه على أن "الهدف من النظام هو الارتقاء بمستوى العمل الإداري والحفاظ على الأمن وضمان حقوق المواطنين"، وقسم النظام كل منطقة إلى عدد من المحافظات والمراكز الإدارية، وحدد هذا النظام واجبات أمراء المناطق بعدة مهام أساسية، منها: "الحفاظ على الأمن والنظام وتطبيق الأحكام القضائية، وضمان حقوق الأفراد وحرياتهم وفقًا للحدود الشرعية والنظامية، والعمل الدؤوب على تطوير المنطقة وتنمية الخدمات العامة فيها ورفع كفاءتها، وصون أموال الدولة وممتلكاتها والإشراف الفعال على الأجهزة الحكومية".
لا يخفى على أحد أن مهام إمارات المناطق ومسؤولياتها منذ تأسيسها قد تركزت بشكل كبير في الجوانب الأمنية والحقوقية وتنفيذ الأحكام القضائية، ولكن مع إنشاء أجهزة حكومية جديدة وتفعيل محاكم التنفيذ، تقلصت هذه الأدوار تدريجيًا، وأصبحت مهام إمارات المناطق تتجه نحو إحداث تغيير ملموس في البرامج والمشروعات التنموية، إلا أنها تصطدم بعائق رئيسي يتمثل في غياب الصلاحيات اللازمة، فحتى "مجالس المناطق" التابعة لها تعتبر هيئات استشارية تقتصر مهمتها على تقديم المقترحات والتوصيات، مما يؤكد أهمية إعادة النظر في تطوير هيكلي شامل لأعمال إمارات المناطق ومهامها، ومنحها صلاحيات حقيقية للمشاركة الفعالة في التخطيط والإشراف المباشر على برامج التنمية في المنطقة، ففي الوقت الراهن، تستأثر الوزارات بالتخطيط المركزي وتتولى الإشراف الكامل على فروعها المنتشرة في المناطق.
وتسعى (رؤية 2030) الطموحة إلى تحقيق هذا التوجه، ففي إطار التزامات الحكومة الفعالة، يبرز برنامج "إعادة هيكلة الحكومة" الذي يهدف إلى التوسع في التطوير الهيكلي، حيث يؤكد على أن "نمط هيكلة العمل الحكومي عالميًا يتجه نحو المرونة وإعادة الهيكلة المستمرة لتحقيق الأولويات الوطنية وخدمتها، وقد انطلقنا بالفعل في هذا المسار، وسنواصل هذا التطوير الهيكلي بصورة شاملة وعلى مراحل وفقًا للأولوية"، وكذلك "برنامج تعزيز حوكمة العمل الحكومي" الذي يهدف إلى تحديد اختصاصات الأجهزة الحكومية بشكل دقيق وواضح، حيث "سنعمل على إعادة هيكلة مستمرة ومرنة لأجهزتنا الحكومية، تلغي الأدوار المتكررة وتسعى إلى توحيد الجهود وتسهيل الإجراءات وتحديد الاختصاصات بشكل واضح وتفعيل مسؤولية الجهات في تسلم مهماتها بشكل يسمح لها بالتنفيذ ويمكن المساءلة".
إن تطوير مهام إمارات المناطق وإعادة هيكلتها مع التركيز على الدور التنموي الحيوي من شأنه أن ينقل الخطط التنموية إلى مستوى أرقى من الكفاءة والمسؤولية والفاعلية، ويمكن أن تكون هيئات تطوير المدن النواة الأولى التي تنطلق منها عملية إعادة الهيكلة، بحيث تُدمج الهيئة مع الإمارة وتتركز مهام الإمارة في الجانب التنموي، وتُمنح صلاحيات واسعة لإدارة البرامج والمشروعات التنموية في المنطقة، لتصبح بمثابة "وزارة تنمية" ترتبط مباشرة بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وتتصل بشكل مباشر بأجهزة الدولة المعنية بالقرار التنموي، وعلى رأسها: وزارة المالية وهيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، بينما يظل دور الوزارات الأخرى مقتصرًا على التخطيط الإستراتيجي والتنظيم والمشاركة في اتخاذ القرارات والإشراف الفني الدقيق على عمليات التنفيذ.
إن إعطاء إمارات المناطق دورًا جوهريًا ورئيسيًا في خطط التنمية من شأنه أن يعيد تشكيل برامج التنمية بشكل فعال، ويسهم في تعزيز التنمية المتوازنة والمستدامة في جميع أنحاء المملكة، ويستثمر الاستثمار الأمثل المزايا النسبية التي تتمتع بها كل منطقة، ويعمل على تفكيك المركزية المفرطة في التخطيط والتنفيذ، ويحقق الاستغلال الأمثل للقدرات البشرية الهائلة من أبناء وبنات الوطن، ويوقد شرارة التنافس الإيجابي في ميادين التنمية والاستثمار بين مختلف مناطق المملكة.
وتعد أجهزة إمارات المناطق من أعرق الأجهزة الحكومية في المملكة، حيث تأسست مع بدايات تشكيل الدولة في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود – طيّب الله ثراه –، وشكلت جزءًا لا يتجزأ من تنظيم الدولة، وكانت في بداياتها الأولى تتألف من تسع إمارات أو (مقاطعات) كما كانت تُعرف آنذاك، يرأس كل منها أمير يتم تعيينه بأمر ملكي من قبل الملك عبدالعزيز.
وشهد عام 1383هـ (الموافق 1963م) أول تطوير جوهري في نظام إمارات المناطق، وذلك بصدور نظام المقاطعات الذي قسم البلاد إلى تسع مقاطعات بأسماء وحدود جغرافية جديدة، ونصّ هذا النظام على أن "يرأس المقاطعة حاكم إداري يتبع لوزارة الداخلية، ويتم تعيينه بأمر ملكي بناءً على اقتراح وزير الداخلية وتوصية رئيس مجلس الوزراء، على أن يقيم في مقر المقاطعة".
وفي عام 1397هـ (الموافق 1977م)، صدر تنظيم إداري جديد للمملكة، رفع عدد المناطق الإدارية إلى أربع عشرة منطقة (14 منطقة)، وفي عام 1412هـ (الموافق 1991م) صدر "نظام المناطق"، ونصت المادة الأولى منه على أن "الهدف من النظام هو الارتقاء بمستوى العمل الإداري والحفاظ على الأمن وضمان حقوق المواطنين"، وقسم النظام كل منطقة إلى عدد من المحافظات والمراكز الإدارية، وحدد هذا النظام واجبات أمراء المناطق بعدة مهام أساسية، منها: "الحفاظ على الأمن والنظام وتطبيق الأحكام القضائية، وضمان حقوق الأفراد وحرياتهم وفقًا للحدود الشرعية والنظامية، والعمل الدؤوب على تطوير المنطقة وتنمية الخدمات العامة فيها ورفع كفاءتها، وصون أموال الدولة وممتلكاتها والإشراف الفعال على الأجهزة الحكومية".
لا يخفى على أحد أن مهام إمارات المناطق ومسؤولياتها منذ تأسيسها قد تركزت بشكل كبير في الجوانب الأمنية والحقوقية وتنفيذ الأحكام القضائية، ولكن مع إنشاء أجهزة حكومية جديدة وتفعيل محاكم التنفيذ، تقلصت هذه الأدوار تدريجيًا، وأصبحت مهام إمارات المناطق تتجه نحو إحداث تغيير ملموس في البرامج والمشروعات التنموية، إلا أنها تصطدم بعائق رئيسي يتمثل في غياب الصلاحيات اللازمة، فحتى "مجالس المناطق" التابعة لها تعتبر هيئات استشارية تقتصر مهمتها على تقديم المقترحات والتوصيات، مما يؤكد أهمية إعادة النظر في تطوير هيكلي شامل لأعمال إمارات المناطق ومهامها، ومنحها صلاحيات حقيقية للمشاركة الفعالة في التخطيط والإشراف المباشر على برامج التنمية في المنطقة، ففي الوقت الراهن، تستأثر الوزارات بالتخطيط المركزي وتتولى الإشراف الكامل على فروعها المنتشرة في المناطق.
وتسعى (رؤية 2030) الطموحة إلى تحقيق هذا التوجه، ففي إطار التزامات الحكومة الفعالة، يبرز برنامج "إعادة هيكلة الحكومة" الذي يهدف إلى التوسع في التطوير الهيكلي، حيث يؤكد على أن "نمط هيكلة العمل الحكومي عالميًا يتجه نحو المرونة وإعادة الهيكلة المستمرة لتحقيق الأولويات الوطنية وخدمتها، وقد انطلقنا بالفعل في هذا المسار، وسنواصل هذا التطوير الهيكلي بصورة شاملة وعلى مراحل وفقًا للأولوية"، وكذلك "برنامج تعزيز حوكمة العمل الحكومي" الذي يهدف إلى تحديد اختصاصات الأجهزة الحكومية بشكل دقيق وواضح، حيث "سنعمل على إعادة هيكلة مستمرة ومرنة لأجهزتنا الحكومية، تلغي الأدوار المتكررة وتسعى إلى توحيد الجهود وتسهيل الإجراءات وتحديد الاختصاصات بشكل واضح وتفعيل مسؤولية الجهات في تسلم مهماتها بشكل يسمح لها بالتنفيذ ويمكن المساءلة".
إن تطوير مهام إمارات المناطق وإعادة هيكلتها مع التركيز على الدور التنموي الحيوي من شأنه أن ينقل الخطط التنموية إلى مستوى أرقى من الكفاءة والمسؤولية والفاعلية، ويمكن أن تكون هيئات تطوير المدن النواة الأولى التي تنطلق منها عملية إعادة الهيكلة، بحيث تُدمج الهيئة مع الإمارة وتتركز مهام الإمارة في الجانب التنموي، وتُمنح صلاحيات واسعة لإدارة البرامج والمشروعات التنموية في المنطقة، لتصبح بمثابة "وزارة تنمية" ترتبط مباشرة بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وتتصل بشكل مباشر بأجهزة الدولة المعنية بالقرار التنموي، وعلى رأسها: وزارة المالية وهيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، بينما يظل دور الوزارات الأخرى مقتصرًا على التخطيط الإستراتيجي والتنظيم والمشاركة في اتخاذ القرارات والإشراف الفني الدقيق على عمليات التنفيذ.
إن إعطاء إمارات المناطق دورًا جوهريًا ورئيسيًا في خطط التنمية من شأنه أن يعيد تشكيل برامج التنمية بشكل فعال، ويسهم في تعزيز التنمية المتوازنة والمستدامة في جميع أنحاء المملكة، ويستثمر الاستثمار الأمثل المزايا النسبية التي تتمتع بها كل منطقة، ويعمل على تفكيك المركزية المفرطة في التخطيط والتنفيذ، ويحقق الاستغلال الأمثل للقدرات البشرية الهائلة من أبناء وبنات الوطن، ويوقد شرارة التنافس الإيجابي في ميادين التنمية والاستثمار بين مختلف مناطق المملكة.